و أحد الرسل من غير أولي العزم، أثنى عليه الرسول صلى اللهعليه وسلم بقوله : "إن الكريم ابن الكريم ابن الكريمابن الكريم، يوسف بن إسحاق بن إبراهيم"رواه البخاري .
- ولد في أرض كنعان وكان له أخ شقيق يدعى بنيامين وله عشرة أخوة غير أشقاء، توفيت والدته فتعلق والدهما يعقوب بهما كثيراً، مما أثار إخوته الباقين حتى دبروا له خطة جاءت تفاصيلها في سورة يوسف، قال تعالى: { اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } يوسف .
- قام الإخوة بإقناع والدهم بالسماح ليوسف بالخروج معهم للعب خارج المدينة، وهناك قاموا بإلقائه في بئر مهجورة قال تعالى: { قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَآؤُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ * وَجَاءتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَـذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }.
- حزن نبي اللهيعقوب على ذلك حتى ابيضت عيناه من شدة الحزن، وكانت القافلة التجارية قد ذهبت بهإلى أرض مصر ثم باعته بأسواق الرقيق فاشتراه عزيز مصر ووهبه لزوجته التي لم ترزقبأولاد، ولما بلغ أشده آتاه الله الحكم والعلم في أرض مصر واشتهر بتفسير الأحلاموالعفة في محنته مع امرأة العزيز.
- وفي أحدى المرات أرسل يعقوب أبناءهباستثناء بنيامين لشراء الغلال من وزير مصر يوسف عليه السلام الذي طلب منهم إحضارأخيهم بنيامين في المرة القادمة بعد أن وضع بضاعتهم في رحالهم، ثم عادوا على مصرمرة ثانية ومعهم أخوهم الذي عرفه يوسف بنفسه سراً وأمر الغلمان بأن يضعوا المكيالفي رحل أخيه الذي قام باحتجازه، وحاول الإخوة تخليصه دون جدوى فرجعوا من دونهفازداد يعقوب عليه السلام حزناً على ابنيه وفي المرة الثالثة طلب يعقوب من أبنائهالذهاب إلى مصر لإحضار بنيامين وحينما تقابلوا مع يوسف أخبرهم بحقيقة الأمربقوله: { أَنَاْ يُوسُفُ وَهَـذَا أَخِي قَدْ مَنَّاللّهُ عَلَيْنَا } ..
- فوقعوا في حرج شديد ومأزق كبير! فعفا عنهموأعطاهم قميصه ليسلموه إلى والده إشعاراً بوجوده، وبعد أن وصل الإخوة إلى أبيهمالذي اشتم رائحة يوسف، فارتد إليه بصره{ فَلَمَّادَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِنشَاء اللّهُ آمِنِينَ * وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُسُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَارَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُممِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } .
بعثة يوسف عليه السلام :
* دراهم معدودة:
- جاء فيالآية 20 من سورة يوسف { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍدَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }يقولالأستاذ/بسام جرار في هذا الصدد أن الآية الكريمة إشارة إلى المستوى الحضاريللمجتمع المصري آنذاك فقد كانوا يستخدمون الدراهم، أي أنهم يسكّون العملة الفضيةكوحدة للتبادل التجاري في حين نجد أن إخوة يوسف القادمين من البدو يعرضون بضاعةليشتروا المواد التموينية.
- انظر قوله تعالى: { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِيرِحَالِهِمْ }، وانظر قوله تعالى: { فَلَمَّادَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَاالضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ. } .
* إعجاز علمي من سورة يوسف:
- قام الأستاذالدكتور عبد المجيد بلعابد (من جامعة وجدة بالمغرب العربي) بتجربة علمية للتأكد منترك بذور القمح في سنابلها لمدة عامين تحت ظروف عادية لم يراع فيها أية شروط منشروط تخزين الحبوب. وجرد بعض البذور من سنابلها وتركها أيضاً تحت نفس الظروف ولنفسالمدة الزمنية..
- فلاحظ أن الحبوب في السنابل لم يطرأ عليها أي تغيير لا فيمحتواها من المواد الغذائية ولا في قدرتها على الإنبات سوى فقدها لجزء من محتواهاالمائي مما جعلها أكثر جفافاً وأصلح للحفظ وللإنبات لأن وجود الماء يسهل من تعفنالقمح، خاصة أن نسبة الماء في بذوره تصل إلى 20,3% في الوقت نفسه لاحظ الباحث أنحبوب القمح التي جردت من سنابلها فقدت 20% من محتواها من المواد البروتينية بعد سنةمن خزنها، وفقدت 32% من هذا المحتوى بعد سنتين، وكذلك فقدت نسبة كبيرة من قدرتهاعلى الإنبات والنمو والإثمار.
- وبذلك ثبت بالتجربة أن أفضل طريقة لتخزينالمحاصيل النباتية التي تنتج في سنابل كالقمح والشعير والأرز هو حفظها في سنابلهاالتي خلقها الله تعالى فيها.
- وهذا هو من الوحي الذي أوحاه الله تعالى إلىنبيه يوسف عليه السلام وذكره مع قصته كاملة في القرآن الكريم مما يشهد لهذا الكتابالخالد أنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية. بل هو كلام الخالق العليم الحكيم سبحانهوتعالى ويشهد لكل من يوسف ابن يعقوب عليهما السلام ولخاتم الأنبياء والمرسلين صلىالله عليه وسلم بالنبوة والرسالة.
- لأن المصريين القدماء ما كانوا يعرفونطريقة لحفظ الغلال وخزنها إلا معزولة عن سنابلها. والأمر الإلهي بحفظها في سنابلهالم يدرك إلا بعد مشورة هذا النبي سلسل بيت النبوة. ولا يزال القمح يخزن في أيامناهذه مفروطاً من سنابله مما يعرضه لفساد كبير عند خزنه على الرغم من الاحتياطاتالكثيرة التي تتخذ في صوامع ومخازن الغلال.. - قال تعالى: { فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِوَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ }يوسف99.
- منصور الإعجاز التاريخي في القرآن الكريم أن يذكر لقب فرعون لحكام مصر في حوالي ستينآية قرآنية إلا في سورة يوسف فقد جاء ذكر القرآن الكريم بلقب ملك، وهنا نتوقفقليلاً لنتعرف على الدقة المتناهية للقرآن الكريم حينما خاطب هذه الفترة بالملك وهيالفترة التي تعرضت لها مصر لغزو البدو الرعاة الذين عاشوا في الشرق من مصر وأطلقالمصريون عليهم اسم الهكسوس أي الملوك الرعاة.
- ومن خلال الاكتشافاتالأثرية لحجر رشيد ومن ثم التعرف على أسرار اللغة المصرية القديمة اتضح لنا من خلالالمعطيات الأثرية السابقة أن مصر قد تعرضت لغزو خارجي وهو غزو الهكسوس وكان ذلكخلال حكم المملكة الوسطى حيث سيطروا خلالها على مقدرات البلاد زهاء قرنين من الزمن،وقد بعث إبّان نفوذهم السياسي على مصر نبي الله يوسف بن يعقوب عليهما السلام، والذيأصبح وزيراً للمالية في هذه المملكة.